News

الذكاء الاصطناعي يتصدّر عناوين الأخبار

يسلّط أحمد عودة، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وشمال إفريقيا لدى شركة في إم وير، في هذه المقالة الضوء على  دور الذكاء الاصطناعي الذي بات حديث الساعة على الصعيدين المحلي والعالمي، حيث تصدر هذا المفهوم عناوين الأخبار والبرامج التلفزيونية في دولة الإمارات العربية المتحدة، نظراً لطرح القيادة الحكيمة عدداً من المبادرات المستقبلية التي تعزز من جهودها لتصبح الدولة الاكثر جاهزية في العالم لاستقبال تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتعد مئوية الإمارات 2071 (الذكرى المئوية لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك في العام 2071) الاستراتيجية الأولى من نوعها على مستوى المنطقة والعالم بأسره، فهي ترمي إلى تعزيز الأداء الحكومي، وخلق بيئة مثالية وعالية الإنتاجية، عبر تركيز الاستثمارات في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مختلف المجالات.

واستناداً لنتائج دراسة صادرة عن شركة برايس ووتر هاوس كوبرز الشرق الأوسط، فإنه من المتوقع مساهمة الذكاء الاصطناعي بمعدل 13.6 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات خلال العام 2030، أي ما يعادل 96 مليار دولار (353 مليار درهم)، في الوقت الذي ستبلغ حصته السوقية في الاقتصاد العالمي ما قيمته 15.7 تريليون دولار (57.8 تريليون درهم).

إذاً، ما الذي يدفع دولة الإمارات إلى أن تصبح الحاضنة الجديدة للتقنيات والآليات الصاعدة للذكاء الاصطناعي؟ فعلى الرغم من أن استثمارات واستخدامات الذكاء الاصطناعي قد تمت مناقشتها على مدى العقود الماضية، إلا أننا تمكنا في نهاية المطاف من ابتكار طريقة فعالة واقتصادية لتخزين ونقل وحوسبة كميات هائلة من البيانات بطريقة لم تكن ممكنة من قبل. وعوضاً عن اقتصار مهمتها بتقديم خدمات مقنعة فقط، ستعمل تقنيات الذكاء الاصطناعي على تغيير سير عمليات الأعمال بشكل جذري، والارتقاء بها إلى مستويات غير مسبوقة، حيث لن تقتصر وظيفتها على توفير خدمات مخصصة بصورة كبيرة وضمن الزمن الحقيقي للمستخدمين فحسب، بل ستتخطى ذلك إلى تقديم قدرات وقائية وتنبؤية متميزة. الأمر الذي سيتيح للشركات إمكانية إجراء عمليات تحليل للبيانات ضمن الزمن الحقيقي، ما يوفر الرؤى والتوقعات المدروسة التي يحتاجون إليها من أجل تحسين مستوى قدرتهم على اتخاذ القرار.

وباعتبارها شركة رائدة في هذا المجال، دأبت في إم وير على استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن العديد من قدراتها ومهامها على مر السنين، وذلك على الصعيدين الداخلي والخارجي لعملياتها. واليوم، باتت الشركة تمتلك قاعدة وساعة وراسخة من العملاء الذين يتجاوز عددهم الـ 500,000 عميل. وفي ظل تطور وتحسن مستوى أداء تقنيات القياس عن بعد، فإن معلومات البيانات المدمجة مع تقنيات الذكاء الاصطناعي ستساهم في تطوير المنتجات بدرجة أفضل، وتحسين مستوى الخدمات، وتعزيز مستوى دعم العملاء.

لكن، هناك من يقرع ناقوس الأخطار المحتملة لاستثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أن الجميع يعي وبشكل جوهري أن التكنولوجيا محايدة بطبيعتها، فنحن من نحدد مسارها وكيفية استثمارها. فإذا ما افترضنا أنه تم ترسيخ الجهود المشتركة للقطاعين العام والخاص في جميع أنحاء العالم من أجل دفع مسيرة نمو وتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي بما يتماشى والمصالح السامية للبشرية، عندها يمكننا إنشاء منظومة شاملة ومتكاملة قادرة على العمل بوتيرة أسرع وأفضل.

كما أننا نؤمن أنه بالإمكان استثمار الذكاء الاصطناعي كقوة فعالة في سبيل الخير، وبالإمكان استخدامها لمواجهة ومعالجة التحديات في مختلف القطاعات بدءاً من الرعاية الصحية والتعليم وصولاً إلى القضاء على الفقر وحماية البيئة، فهذه التقنيات قادرة على تحسين كفاءات الأعمال، فضلاً عن كونها تشكل عنصراً حيوياً وضرورياً في خطط إنشاء المدن ذكية، التي تعتبر الوجهة الاستثمارية الرئيسية للحكومات، حيث ستلعب دوراً هاماً في تبسيط جميع العمليات داخل حدود المدن الذكية، بدءاً من إدارة حركة المرور وإنتاج الطاقة وتوزيعها وصولاً إلى توفير الأمن وتنظيم عمل المطارات، إلى جانب تحسين مستوى الاستفادة من أنظمة البنى التحتية، وذلك من أجل جني أقصى قدر ممكن العائدات على الاستثمار.

ونشير هنا إلى أن الذكاء الاصطناعي يعد من الركائز الأساسية لتنفيذ الخطط التنموية على امتداد دولة الإمارات، ما يشير إلى أنه ليس مجرد مصطلح طنان، فهو يسلح الحكومة بالميزة التنافسية خلال مسيرة سعيها لتطوير وتنويع اقتصاد يتجاوز بقدراته الاعتماد على عائدات النفط فحسب.